لطالما اعتبُر العمل التطوعي أحد سمات المجتمع الحيوية وأحد أسباب نهضته، يُلقي العمل التطوعي بظلاله على جميع نواحي المجتمع ويساهم في إثراء الوطن ونشر الأخلاق الحميدة بين أبنائه.
والعمل التطوعي هو نشاط إنساني وسلوك حضاري يهدف إلى تعزيز روابط الخير بين الأشخاص ونشر القيم السامية بين أفراد المجتمع.
مفهوم العمل التطوعي
يُعرّف العمل التطوعي على أنه عمل غير ربحي لا يعود على صاحبه بعائدٍ مادي، وهو عملٌ يتم تقديمه من تلقاء النفس طواعيةً دون إجبار؛ حيث يكون نابعًا من النفس بكل رضا وقبول.
يهدف العمل التطوعي بشكلٍ أساسي إلى نيل الثواب والأجر من رب العباد كونه تقديم أعمال خيرٍ للناس دون مقابل منهم.
العمل التطوعي في الدين الإسلامي
جاءت تعاليم الدين الإسلامي الحنيف لتحثّ على زرع قيم العمل التطوعي في النفوس وتشجيعهم على الترابط وتقديم يد العون والمساعدة للمحتاج.
حيث حثنا المولى في كتابه الكريم على العمل التطوعي وأهميته بقوله تعالى: ( فمن تطوع خيرًا فهو خيرٌ له).
وقد كانت السنة النبوية امتدادًا لهذا المنهج الإلهي وداعمة له في عدد كبير من المواضع، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)، وقال عليه السلام: (ومن فرج عن مسلم كربه من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة) وقال أيضًا: ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار).
أثر العمل التطوعي على النفس والمجتمع
يعتبر العمل التطوعي من أهم أسباب السلامة النفسية؛ حيث يعمل على منح صاحبه شعور إيجابي، كما يعمل على تحسين العديد من المهارات الفردية والجماعية لديه ويصقل شخصيته ويمنحه تجارب وخبرات سابقة لعمره.
- يعمل على استغلال أوقات الفراغ فيما يفيد وينفع خاصة لدى الشباب.
- يعزز من قدرة الشخص على التواصل مع الآخرين.
- يساهم في تعزيز الروابط الإنسانية و أواصر المحبة بين أفراد المجتمع.
- يساهم في جعل المجتمع سليمًا موافقًا للفطرة، ويساعد على تنشئة أفراده تنشئة سليمة، كما يعزز من عيشه بسلام وتآخي، ويعمل على الحد من تفشي الأوبئة المجتمعية.
- يساهم في تكامل المجتمع بحيث لا يشعر الشخص بأن هناك من هو أفضل منه.
- يعمل على إكساب صاحبه العديد من الخبرات والصفات الإيجابية مثل الثقة بالنفس، وتحمل المسؤولية، والتعاون، والعطاء، ولين القلب، وإسعاد الآخرين وتفريج كربهم.
- يقدم توعية كاملة لأفراد المجتمع مما ينجم عنه تقليل السلوكيات السلبية مثل الانحراف، ومخالطة رفقاء السوء وغيرها.
- يستشعر المرء من خلاله حلاوة فعل الخير، ويعمل على إشباع الجانب الديني والروحاني.
- يشعر المرء من خلاله بآلام الآخرين وشعورهم في أضيق أحوالهم.
- يرفع الشعور الإيجابي لدى متلقي الخير ويعزز من علاقته بربه الذي أرسل إليه المتطوع بالرزق الذي أرسله الله إليه.
- يعزز من صفة العمل الجماعي لدى الأفراد بما يحقق المنفعة ويرفع من تأثير القيم المجتمعية على النفوس.
- يساعد في الحد من انفعالات النفس ويُعلّم ضبط الأعصاب والتحكم في الذات.
كيفية تطوير العمل التطوعي
يقع على عاتق الجهات الخيرية والمؤسسات المجتمعية المعنية مهمة نشر الثقافة التطوعية بين أبناء المجتمع، وتطوير آلياته، ومن بعض سبل ذلك:
- عمل حملات إعلامية تركز على العمل التطوعي.
- عرض الإنجازات التي يتم عملها من خلال العمل التطوعي بغرض تشجيع الشباب والأطفال والكبار وحثهم على المشاركة.
- تخصيص أكثر من مجال للعمل التطوعي بهدف إتاحة التعددية والمساعدة على المشاركة.
- اختيار المتطوعين وتوزيع المهام عليهم تبعًا لمهاراتهم ومؤهلاتهم مع مراعاة أوقات التفرغ وتنفيذ خطوات العمل التطوعي بالشكل الصحيح.
- إدارة العمل التطوعي بشكل سليم وإضافة الأفكار التجديدية دومًا، وعمل فرق تبعًا للتخصص مع التركيز على تنمية مهارات التواصل فيما بين أعضاء الفريق.